سورة الروم - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الروم)


        


{فَئآتِ ذَا القربى} أعط قريبك {حَقَّهُ} من البر والصلة {والمساكين وابن السبيل} نصيبهما من الصدقة المسماة لهما، وفيه دليل وجوب النفقة للمحارم كما هو مذهبنا {ذلك} أي إيتاء حقوقهم {خَيْرٌ لّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ الله} أي ذاته أي يقصدون بمعروفهم أياه خالصاً {وأولئك هُمُ المفلحون وَمَا ءاتَيْتُمْ مّن رِباً لّيَرْبُوَاْ فِى أَمْوَالِ الناس} يريد وما أعطيتم أكلة الربا من رباً ليربوا في أموالهم {فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ الله} فلا يزكوا عند الله ولا يبارك فيه. وقيل: هو من الربا الحلال أي وما تعطونه من الهدية لتأخذوا أكثر منها فلا يربوا عند الله لأنكم لم تريدوا بذلك وجه الله {وَمَا ءاتَيْتُمْ مّن زكواة} صدقة {تُرِيدُونَ وَجْهَ الله} تبتغون به وجهه خالصاً لا تطلبون به مكافأة ولا رياء ولا سمعة {فَأُوْلَئِكَ هُمُ المضعفون} ذوو الإضعاف من الحسنات ونظير المضعف المقوى والموسر لذي القوة واليسار. {أتيتم من ربا} بلامد: مكي أي وما غشيتموه من إعطاء ربا {لتربوا} مدني أي لتزيدوا في أموالهم. وقوله {فأولئك هم المضعفون} التفات حسن لأنه يفيد التعميم كأنه قيل: من فعل هذا فسبيله سبيل المخاطبين. والمعنى المضعفون به لأنه لا بد له من ضمير يرجع إلى (ما) الموصولة. وقال الزجاج: في قوله {فأولئك هم المضعفون} أي فأهلها هم المضعفون أي هم الذي يضاعف لهم الثواب يعطون بالحسنة عشر أمثالها.
ثم أشار إلى عجز آلهتهم فقال:


{الله الذى خَلَقَكُمْ} مبتدأ وخبر {ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} أي: هو المختص بالخلق والرزق والإماتة والإحياء {هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ} أي: أصنامكم التي زعمتم أنهم شركاء لله {مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ} أي: من الخلق والرزق والإماتة والإحياء {مِن شَئ} أي: شيئاً من تلك الأفعال فلم يجيبوا عجزاً فقال استبعاداً: {سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ} و(من) الأولى الثانية والثالثة كل واحدة منهن مستقلة بتأكيد لتعجيز شركائهم وتجهيل عبدتهم.
{ظَهَرَ الفساد فِى البر والبحر} نحو القحط وقلة الأمطار والريع في الزراعات والربح في التجارات ووقوع الموتان في الناس والدواب وكثرة الحرق والغرق ومحق البركات من كل شيء {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى الناس} بسبب معاصيهم وشركهم كقوله: {وَمَا أصابكم مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30] {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الذى عَمِلُواْ} أي: ليذيقهم وبال بعض أعمالهم في الدنيا قبل أن يعاقبهم بجميعها في الآخرة وبالنون عن قنبل {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} عما هم عليه من المعاصي ثم أكد تسبيب المعاصي لغضب الله ونكاله بقوله: {قُلْ سِيرُواْ فِى الأرض فانظروا كَيْفَ كَانَ عاقبة الذين مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّشْرِكِينَ} حيث أمرهم بأن يسيروا فينظروا كيف أهلك الله الأمم وأذاقهم سوء العاقبة بمعصايهم.
{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدّينَ القيم} البليغ الاستقامة الذي لا يتأتى فيه عوج {مِن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ} هو مصدر بمعنى الرد {مِنَ الله} يتعلق بيأتي، والمعنى: من قبل أن يأتي من الله يوم لا يرده أحد كقوله تعالى: {فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا} [الأنبياء: 40] أو بمرد على معنى لا يرده هو بعد أن يجيء به ولا رد له من جهته {يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} يتصدعون أي: يتفرقون ثم أشار إلى غناه عنهم.


{مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ} أي وبال كفره {وَمَنْ عَمِلَ صالحا فَلأَِنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} أي يسوون لأنفسهم ما يسويه لنفسه الذي يمهد لنفسه فراشه ويوطئه لئلا يصيبه في مضجعه ما ينغص عليه مرقده من نتوء وغيره، والمعنى أنه يمهد لهم الجنة بسبب أعمالهم فأضيف إليهم. وتقديم الظرف في الموضعين للدلالة على أن ضرر الكفر لا يعود إلا على الكافر، ومنفعة الإيمان والعمل الصالح ترجع إلى المؤمن لا تجاوزه. ليجزى متعلق ب {يمهدون} تعليل له وتكرير {الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات} وترك الضمير إلى الصريح لتقرير أنه لا يفلح عنده إلا المؤمن {مِن فَضْلِهِ} أي عطائه. وقوله {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الكافرين} تقرير بعد تقرير على الطرد والعكس {وَمِنْ ءاياته} أي ومن آيات قدرته {أَن يُرْسِلَ الرياح} هي الجنوب والشمال والصبا وهي رياح الرحمة، وأما الدبور فريح العذاب ومنه قوله عليه السلام: «اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً» وقد عدد الفوائد في إرسالها فقال: {مبشرات} أي أرسلها للبشارة بالغيث {وَلِيُذِيقَكُمْ مّن رَّحْمَتِهِ} ولإذاقة الرحمة وهي نزول المطر وحصول الخصب الذي يتبعه والروح الذي مع هبوب الريح وزكاء الأرض وغير ذلك. {وليذيقكم} معطوف على {مبشرات} على المعنى كأنه قيل: ليبشركم وليذيقكم {وَلِتَجْرِىَ الفلك} في البحر عند هبوبها {بِأَمْرِهِ} أي بتدبيره أو بتكوينه كقوله {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً} [يس: 82] الآية. {وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ} يريد تجارة البحر {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ولتشكروا نعمة الله فيها.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7